الأربعاء، 3 نوفمبر 2010

مقدمة لدراسة مخارج الحروف

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا

وصلى اللهم وسلم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

وبعد

موعدنا اليوم أخواتي الكريمات مع مبحث هام من مباحث علم التجويد ألا وهو مبحث المخارج والصفات

قبل أن نبدأ يجب أن نتوقف عند بعض المفاهيم الهامة وأولها :

تعريف القرآن :

لغةً :

لفظ القرآن في اللغة مصدر مرادف للقراءة ويشير إليه قوله تعالى : { إنّ علينا جمعه وقرآنه . فإذا قرأناه فاتبع قرآنه } القيامة 17 . وقيل : إنه مشتق من قرأ بمعنى تلا .وقيل : إنه مشتق من قرأ بمعنى جمع ومنه قرى الماء في الحوض إذا جمعه .

اصطلاحا :

القرآن هو كلام الله المعجز بلفظه ومعناه، المنزَّل على قلب محمد صلى الله عليه وسلم المتعبد بتلاوته المتحدَى بأقصر سورة منه المنقول إلينا بالتواتر المكتوب في المصاحف من سورة الفاتحة إلى سورة الناس وهو يتكون من 114 سورة ومن 6236 آية بعد أهل الكوفة .

شرح التعريف :

قولنا : كلام الله : خرج به كلام البشر أجمعين وغيرهم من مخلوقات الله .

قولنا : المنزل : خرج به ما استأثر الله بعلمه أو ألقاه إلى ملائكته ليعلموا به لا لينزلوه على أحد من البشر ذلكم أن من كلام الله ما ينزله إلى الناس ومنها ما يستأثر بعلمه ( قُل لَّو كَانَ البَحرُ مِدَاداً لِكَلِماتِ رَبّي لَنَفِدَ البَحْرُ قَبْلَ أَن تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلهِ مَدَدا ) . سورة الكهف : الآية 109. ( وَلَوْ أَنَّمَا فيِ ألأَرضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلامُ وَالبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أّبْحُرٍ مّانَفِدَتْ كَلِمَاتُ الله ِ ) . سورة لقمان: الآية 27

وقولنا : على محمد - صلى الله عليه وسلم -: خرج به المنزل على غيره من الأنبياء كالتوراة المنزلة على موسى عليه السلام والإنجيل المنزل على عيسى - عليه السلام - والزبور المنزل على داود عليه السلام والصحف المنزلة على إبراهيم عليه السلام

وقولنا : المتعبد بتلاوته : خرجت به الأحاديث القدسية ونريد بالمتعبد بتلاوته أمرين :

الأول : أنه المقروء في الصلاة والذي لا تصح الصلاة إلا به ، لقوله صلى الله عليه وسلم " لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب " .
الثاني : إن الثواب على تلاوته لا يعادله ثواب أي تلاوة لغيره فقد ورد في فضل تلاوة القرآن من النصوص ما يميزها عن غيرها فقد روى ابن مسعود - رضي الله عنه - أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال : [ من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنه والحسنة بعشر أمثالها لا أقول ألم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف ] رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح .

مراتب القراءة

التحقيق

تلاوة القرآن بتؤدة واطمئنان مع تدبر المعاني ومراعاة مختلف أحكام التجويد وإعطاء كل حرف حقه ومستحقه مخرجا وصفة.

الحدر

الإسراع في القراءة مع مراعاة أحكام التجويد

التدوير

التوسّط بين التحقيق والحدر.

وهذه الأساليب الثلاثة جائزة وتدخل كلها في صفة الترتيل الواردة في قول الله سبحانه وتعالى : : ﴿وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً﴾ (المزمل 4)

الرواية :

رواية حفص عن عاصم من طريق الشاطبية

التجويد

لغة : التحسين والإتقان.

اصطلاحا : هو العلم الذي يبين الأحكام والقواعد التي يجب الالتزام بها عند تلاوة القرآن طبقا لما تلقاه المسلمون عن رسول الله ، وذلك بإعطاء كل حرف حقه مخرجا وصفة وحركة، من غير تكلف ولا تعسف.

فائدته

صون اللسان عن الخطأ واللحن في كلام الله سبحانه وتعالى.

1- الحفاظ على كتاب الله من أثر اللهجات التي أثرت على اللغة العربية التي هي لغة القرآن مثل :

من يستبدل القاف بالجيم مثلا في " في أحسن تقويم " سورة التين .

من يستبدل الضاد بالظاء مثلا في " ولا الضالين " الفاتحة .

2- الحفاظ على كتاب الله من اللحن أو التحريف الذي يؤدي إلى خلط المعاني مثل :

عسى ربكم ...... للترجى

عصى ادم ........للمخالفة

3- معرفة العلاقة بين الحروف لمعرفة أسباب الأحكام .

4- تعتبر دراسة المخارج والصفات هى الركيزة الأولى لكل قارئ

قال ابن الجزرى :

وَ بَعْـدُ : إِنَّ هَـذِهِ مُـقَدَِّمَـــــهْ فِـيمَا عَـلَى قَارِئِـهِ أَنْ يَـعْلَمَــــهْ

إِذْ وَاجِـبٌ عَـلَيْهِمُو مُحَـتَّـــــمُ قَبْـلَ الـشُّرُوعِ أَوَّلاً أَنْ يَعْلَمُوا

مَـخَارِجَ الْحُـرُوفِ وَالصِّفَاتِ لِيَـلْفِـظُوا بِـأَفْـصَحِ اللُّغَــــــــاتِ

أقسامه :

التجويد العلمي :- هو معرفة القواعد والضوابط التي وضعها علماء التجويد ودونها أئمة القراءة مرجعا لكل مريد مثل مخارج الحروف وصفاتها وبيان المثلين والمتجانسين والمتقاربين وأحكام الميم الساكنة والمدود و ... الخ

التجويد العملي :- وهو قراءة القرآن الكريم بالصفة المتلقاة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يلزم من هذه الطريقة دراسة الأحكام ، إنما تؤخذ بالتلقي والمشافهة من أفواه المشايخ المجيدين والمتقنين .

اللحـــــــــن


ينقسم اللحن في القرآن إلى :

اللحـن الجلي اللحـن الخفي

أولا اللحن الجلي:

هو خطأ فى اللفظ القرآنى يخل ببنيانه الحرفى أو الحركي ,ويمكن لكل من له علم بالعربية أن يتعرف على ذلك الخطأ.

* أمثلة الخطأ فى البنيان الحرفى للكلمة القرآنية, وله عدة صور:

الصورة الأولى: إبدال حرف بحرف :

Ÿ نحو إبدال الطاء تاء فينطق : خلق الإنسان من تين بدلا من طين .

Ÿ إبدال الضاد دال فينطق : وإن يمسسك الله بدر بدلا من بضر .

الصورة الثانية : زيادة حرف على الكلمة :

Ÿ كزيادة ألف بعد الخاء فى قوله تعالى ختم الله فيقول خاتم الله
Ÿ فادع لنا ربك " فيقول " فادعو لنا ربك"

الصورة الثالثة : نقص حرف من الكلمة :

Ÿ كنقص حرف الألف من لفظ الجلالة فيقولون الله بدون مد الصوت بالألف قبل الهاء .

* أمثلة الخطأ فى البنيان الحركي للكلمة:

ويقصد به : رفع ما يجب نصبه, أو نصب مايجب رفعه أو خفض المنصوب والمرفوع وكذلك تشديد المخفف, وتخفيف المشدد وتحريك الساكن وإسكان المتحرك.وهذا مثال يبين كيف أن الخطأ في الحركة يؤدى إلى اختلاف المعنى: مثل كلمة :

الْجَــنَّــة بفتح الجيم يعنى (دار النعيم)

الْجِــنَّــة بكسر الجيم يعنى ( الشياطين)

الجُــنَّـة بضم الجيم يعنى ( الوقاية)

حكم اللحن الجلي: هو التحريم إجماعاَ, ولكن من وقع فيه لكبر, أو لعاهة ,فأقل شيء أن يتعلم كيف يقرأ الفاتحة التي لا تصح الصلاة إلا بها.

ثانياً اللحن الخفي :

خطأ في اللفظ القرآني يخل بقواعد التجويد القراءة, أى بالكيفية الثابتة التي نزل بها القرآن, والمتمثلة فى أحكام التجويد ومسائله, ولا يتعرف عليها إلا من تلقاها من أفواه المشايخ , وضبطها على أهل الأداء.

وهو قسمان:

القسم الأول من اللحن الخفى:

الخطأ فى مشهور الأحكام, كترك المد والإظهار والإدغام والإخفاء و التفخيم والترقيق وترك الصفات التي لا تخرج بعض الحروف إلا بها كالقلقلة والهمس, وغيرها من مبادئ التجويد التي يجب على كل مسلم أن يتعلمها, ليميز كلام الله عن غيره من الكلام.


حكمه:

التجويد العملى واجب وجوباَ عينياً على كل مسلم , أو مسلمة يقرأ ولو بعض آية من كتاب الله,ولكن ترتب الإثم والعقاب على الوقوع في خطأ ترك تلك الأحكام أو بعضها يتوقف على حال المسلم: فالذي يبذل الجهد فى تعلمه وتطبيقه ولكن لا يطاوعه لسانه بسبب لثغة فطرية فى بعض الحروف كحرف الراء .
أو لا يجد من يعلمه ويهديه إلى الصواب , أو الأعجمي الذي منّ الله عليه بالإسلام وبه عجمة فى لسانه لا يستطيع التخلص منها,أو العجوز الذي منّ الله عليه بالهداية بعد أن كبر وهرم أو الأمي الذي لم ينل قسطاً من التعليم يمكِّنه من تجويد اللفظ القرآني. فكل واحد من هؤلاء وأمثالهم مسيء ولكنه معذور مأجور من الله ,لأنه سبحانه لا يكلف نفسا إلا وسعها , لقوله صلى الله عليه وسلم : {الذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران}

ولكن يجب أن يستمر في الاجتهاد لتصويب ما به من خطأ لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا
أما من كان مستغنيا بنفسه مستبدا برأيه متكلا على ما ألفه من حفظه مستكبرا عن الرجوع إلى عالم يوقفه على تصحيح لفظه ويقرأ القرآن بدون ضابط يرجع إليه ولا كيفية ثابتة يلتزم بها , فلا شك أنه مقصر مغرور أو مسيء آثم غير معذور معاقب على فعله عند الله لتركه واجب شرعي وقال الأمام ابن الجزري: ولاشك أن الأمة كما هم متعبدون بفهم معاني القرآن , وإقامة حدوده,كذلك هم متعبدون بتصحيح ألفاظه, وإقامة حروفه على الصفة المتلقاة من ائمة القراءة المتصلة سندهم بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم .

اللحن الجلي والقسم الأول من اللحن الخفي: ترك لواجب شرعي , يثاب فاعله ويأثم تاركه


القسم الثاني من اللحن الخفي:

هو الخطأ فى دقائق الأحكام , التى لا يعرفها إلا القارئ المتقن,الذي تلقى العلم وأخذه من أفواه الأئمة المتقنين فأتى بالقاعدة التجويدية فى أدق صورها فاتصفت قراءته بكمال الضبط ونهاية الحسن,
فبشره الرسول صلى الله عليه وسلم بأعظم بشرى فى قوله {الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة}


حكمه:

لا يأثم فاعله, ولا يتصور أن يكون تركه فرض عين يترتب عليه العقاب لما فيه من الحرج العظيم , وقد قال تعالى{ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ } .

الحرف والمخرج

القرآن عبارة عن آيات والآيات عبارة عن جمل والجمل عبارة عن كلمات والكلمات عبارة عن حروف فالحرف اصغر وحدة بنائية في القرآن لذا علينا أن نتعلم تجويد الحرف وتجويد الكلمة وتجويد الجملة .

الحرف : هو صوت اعتمد على مخرج . أي أن الصوت الناتج عن حركة الحبلين الصوتيين ، ووضعهما نتيجة لاعتماد القارئ على مخرج معين هو ما نسميه الحرف .

الصوت : تخلخل وتموج في طبقات الهواء تدركه الأذن البشرية ويطلق عليه الصوت المسموع .

والمخرج : هو المعتمد أو الموضع أو الحيز المولد للحرف بقدرة الله عز و جل وتيسيره . وقيل هو محل خروج الحرف الذي ينقطع عنده الصوت فيتميز به عن غيره، سواء كان الصوت معتمدا على مخرج محقق أو مخرج مقدر.

ماذا يجب على مريد اتقان قراءة القرآن :

1- تصحيح اخراج كل حرف من مخرجه المختص به تصحيحا يمتاز به عن مقاربه .

2- توفية كل حرف صفته المعروفة توفية تخرجه عن مجانسه .

3- اذا احكم القارئ النطق بكل حرف على حقه في حالة الافراد فليعمل جاهدا على احكامه في حال التركيب .

4- يعمل لسانه وفمه بالرياضة الشديدة بحيث يصير ذلك طبعا وسليقة .

كيفية معرفة المخرج:

1. نأتي بالحرف مسكناً أو مشدَّداً مثل: "مْ، مّ".

2. نضع همزة قطع متحركة بالفتح قبل الحرف مثل: "أَمْ" ثم ننطق بالحرف وحيث ينقطع الصوت فذلك مخرج الحرف المحقق (فإن مخرج الميم هنا الشفتان) وعدا ذلك مقدَّر.

3. أما بالنسبة للحروف المدية نأتي بهمزة قطع مجانسة للمد ( أَ ا ، أُ و ، إِ ي ) .

فالمخرج المحقق : هو الذي يعتمد على جزء معين من أجزاء الحلق أو اللسان أو الشفتين ، بعبارة أخرى إذا انتهى الصوت في نقطة معينة من ( الحلق أو اللسان أو الشفتين ) فمخرج الحرف هنا محقق . بمعنى أن الصوت تحقق وانتهى في نقطة محددة نستطيع تمييزها .

والمخرج المقدر : هو الذي ليس له حيز معين وهو مخرج حروف المد الثلاثة ، بمعنى أن الصوت لم ينته في نقطة محددة من ( الحلق أو اللسان أو الشفتين ) .

ملحوظة : حروف اللغة العربية المنطوقة 29 حرفا والحقيقة أن لكل منها مخرج ولكن لقرب بعض المخارج من بعض جدا عد العلماء أي حرفان بينهم قرب شديد جدا من مخرج واحد وأحيانا ثلاثة من مخرج واحد للقرب أيضا .

لذا حصر جمهور العلماء مخارج الحروف كلها في سبعة عشر مخرج خاص محصورة في خمسة مخارج رئيسية ।وسنتعرف في الحلقة القادمة بإذن الله على هذه المخارج .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المتابعون