قاعدة إتمام الحركات
يأتي مبحث إتمام الحركات بعد الانتهاء من دراسة مخرج حروف الجوف لأن هناك علاقة بين الحركات الثلاث و حروف المد الثلاث فحروف المد هي أمهات الحركات.
فنقول في علم التجويد الألف أم الفتحة أو العكس الفتحة بنت الألف لأن الفتحة زمنها نصف زمن الألف و نفس الشيء بالنسبة للكسرة هي بنت الياء و الضمة بنت الواو فالفرق بين الحركات و حروف المد في الزمن فقط, حيث أن حروف المد زمنها ضعف زمن الحركات.
كيفية النطق بالحرف الساكن و الحرف المتحرك
لكل منهما كيفية خاصة عند النطق
1- الحرف الساكن
يخرج نتيجة عمل واحد و هو تصادم في مخرجه أي في موضع سكونه.
و زمن الحرف الساكن هو زمن تصادمه وتحقيقه في مخرجه و يرتبط بصفات الحرف.
مثال ذلك : عند النطق بالحرف الساكن الشديد مثل أن ننطق بحرف الباء فنقول" أب" , فالحروف الشديدة حروف آنية يعني في آن تصادم المخرج بدأت صوتها دون جريان الصوت أو النفس.
أما عند النطق بحرف الفاء الذي فيه رخاوة فنقول" أف" زمنها أطول من زمن الحرف الشديد.
إذا
الحرف الساكن يخرج بعمل واحد فقط و هو التصادم في المخرج و زمنه هو زمن تصادمه و يحدده ما يحمله من صفات.
2- الحرف المتحرك
كيفية نطقه مختلفة عن كيفية نطق الحرف الساكن و هناك حرف متحرك مخفف من غير تشديد و حرف متحرك مشدد و سنتحدث عن الفرق بين الحرف المتحرك المخفف والحرف المتحرك المشدد
الحرف المتحرك يخرج بعملين أولا تحقيق المخرج ثم التباعد للحركة والعملين تحقيق المخرج و التباعد للحركة لا يكون بينهما فاصل زمني و هذا الأمر لابد من الانتباه له فبمجرد تحقيق المخرج نتباعد للحركة دون فاصل زمني لأن وجود الفاصل الزمني بين العملين يولد حرف مشدد في حين أننا نتحدث عن حرف متحرك مخفف
إذا
عند النطق بالحرف المتحرك لابد من الانتباه إلى أهمية وتلازم العملين تحقيق المخرج ثم التباعد للإتيان بالفتحة أو الكسرة أو الضمة.
3- الحرف المشدد
الفرق بين النطق بالحرف المتحرك المخفف و الحرف المتحرك المشدد هو الفاصل الزمني بين تحقيق المخرج و التباعد للحركة لأننا في الحرف المشدد نأتي بحرفين أولهما ساكن ونأتي به بالكيفية التي عرفناها ثم المتحرك أيضاً بالكيفية التي عرفناها مثل السّماء.
إذاً
عند النطق بالحرف المتحرك المشدد هناك زمن لتحقيق المخرج " للنطق بالحرف الأول الساكن " ثم النطق بالحرف المتحرك بكيفيته السابقة
الخلاصة
زمن الحرف الساكن: هو زمن تحقيق مخرجه أي تصادمه و يختلف بما فيه من صفات
زمن الحرف المتحرك : زمنه هو زمن حركته مع العلم أن أزمنة الحركات الثلاث(الفتحة و الضمة و الكسرة) متساوية فيما بينهم.
الحرف المشدد عبارة عن حرفين حرف ساكن ثم حرف متحرك
ملحوظة هامة جدا :
قلنا أن الحروف المتحركة تنتج بالتباعد بعد تحقيق المخرج للحركة... وهنا وجب علينا نعرف تتباعد لأي شيء وكيف يتم .
فإذا كان الحرف متحرك بالفتح نحقق مخرج الحرف ونتباعد لمخرج حركة الفتح وهو مخرج الألف الجوفية ونمتد بالصوت نصف زمن الألف ، وكذلك الحال في الضم نتباعد لمخرج حركة الضم وهو مخرج الواو المدية ونمتد بالصوت نصف زمنها ، وعند الكسر أيضا نتباعد لمخرج الكسرة و هو مخرج الياء المدية ونمتد بالصوت نصف زمنها .
ونستنتج من هذا أن :
1- عند التباعد للجوف لنطق الفتحة يظل أقصى اللسان محتفظاً بوضعه كما هو دون تغيير لضبط حالة التفخيم والترقيق فمثلاً الحرف المفخم المفتوح عند زيادة الفتح أكثر من حركة ينتج عندنا مد بالألف وتكون الألف مفخمة تبعاً لما قبلها والعكس مع الحرف المرقق .
2- عند التباعد للجوف لنطق الضمة يرتفع أقصى اللسان وتنضم الشفاه وعند زيادة الضمة يجب أن نسمع صوت الواو المدية .
3- عند النطق بالكسرة يرتفع وسط اللسان ناحية غار الحنك ويستفل أقصى اللسان وعند زيادة الكسرة يجب أن نسمع صوت الياء المدية .
وهذا بالضبط ما يحدث عند النطق بأمهات الحركات " الألف – الواو – الياء "
ولهذا هناك مايسمى بميزان الحركات وسنتعرض له بعد قليل .
الحركة
الحركة: هي الفتحة أو الكسرة أو الضمة .
تعريفها : هي الزمن الذي ينطق فيه حرف متحرك .
و عندما نقول حركتان فالمقصود هو: الزمن اللازم لنطق حرفين متتاليين متحركين
مثل : قَ ........ فهذا زمن حركة واحدة ، أما : قَ قَ .......فهذا الزمن يساوي حركتان = ألفا
أما : قَا ........ هذا زمن حركتين ، أي أن الألف المساوي للحركتين يكون ضعف الفتحة
الفتحة = 1/2 الألف لذلك سميت الفتحة بنت الألف
الكسرة = 1/2 الياء و الكسرة بنت الياء & الضمة = 1/2 الواو و الضمة بنت الواو .
إذاً الفتحة هي ألف قصيرة أو هي بنت الألف و ينطبق عليها كل الأمور التي ذكرناها مع الألف و الفرق بينهما فقط في الزمن.
والكسرة هي ياء قصيرة أو هي بنت الياء و ينطبق عليها كل الأمور التي ذكرناها فيما يخص الياء الفرق بينهما فقط في الزمن.
والضمة هي واو قصيرة أو هي بنت الواو و ينطبق عليها كل الأمور التي ذكرناها فيما يخص الواو الفرق بينهما فقط في الزمن.
ميزان الحركات
هو في الأصل ميزان مرن يخضع لسرعة التلاوة ( تحقيق – تدوير – حدر ) و لا يضبط إلا مشافهة . أما ما يقال عن الحركة أنها حركة الإصبع من قبض أو بسط فهو للتسهيل على المبتدئين فقط و ليس له أي أساس علمي .
موازين ضبط وإتمام الحركات
لإتمام حركات الحروف موازين تعرف بها إن كانت تمت أم لا و هي:-
ميزان بصري | ميزان سمعي |
* لإتمام الضم يجب ضم الشفتين كهيئة النطق بالواو المدية | *إذا أطلنا صوت الضم نتج واو مدية ليست " o " الأعجمية |
* لإتمام الكسر نخفض الفك السفلي كهيئة الياء المدية | *إذا أطلنا صوت الكسر نتج ياء مدية سليمة ليست ممالة |
* لإتمام الفتح يجب فتح مابين الشفتين كهيئة الألف المدية | * إذا أطلنا صوت الفتحة نتج ألف صحيحة دون إمالة |
ملاحظات
الأخطاء الشائعة في الحركات
أولاً : اللحن في الحركة
يعني الخطأ في الحركة. أي اختلاط صوت الحركة بصوت بحركة أخرى.
لحن حركة الفتح
أولا: أن يتجه صوت الفتح إلى الكسر فيكون في صوتها تقليل.
و للتأكد من فصاحة الفتح نمدها فإذا خرجت الألف منضبطة فبتالي الفتح صحيحا أما إذا خرجت الألف مقللة فهذا يعود إلى عدم ضبط الفتح.
و خطأ التقليل غالبا يكون إلى بسط الشفتين بالعرض وارتفاع وسط اللسان و عدم تصعد الصوت
ثانيا: أن يتجه صوت الفتح إلى الضم و هذا الخطأ يكون بضم الشفتين عند التفخيم فتكون الفتحة عند الحرف المفخم مخلوطة بضمة.
لحن حركة الضم
أن يتجه صوت الضم إلى الفتح و للتخلص من هذا الخطأ لابد من تمكين الضم دون إفراط و لا تفريط.
و للتأكد من فصاحة الضم نمدها فإذا خرجت الواو منضبطة يكون الضم صحيحا.
لحن حركة الكسر
أن يتجه صوت الكسر إلى الفتح و للتخلص من هذا الخطأ لابد من تحقيق الكسر.
و للتأكد من فصاحة الكسر نمدها فإذا خرجت الياء منضبطة فإن الكسر كان صحيحا.
عند توالي حرفين مضمومين بينهما حرف ساكن
- مثال " تُبْتُم " في هذه الكلمة التاء مضمومة و التاء مضمومة بينهما باء ساكنة.
الخطأ الشائع أن تتواصل حركة الضم عند النطق بالكلمة من أول حرف التاء حتى حرف التاء دون مراعاة سكون
و لابد من الرجوع إلى وضع السكون عند النطق بالحرف الساكن بين مضمومين.
- مثال " كنتم " في هذه الكلمة الكاف مضمومة و التاء مضمومة و بينهما حرف النون ساكنة.
الخطأ الشائع ، يؤدى الإخفاء في وضع الضم و هذا يؤثر على صوت الغنة و يخرج صوتها مكتومة أو مفخمة. و الصواب الرجوع بعد الضم إلى وضع السكون لتحقيق الإخفاء على الوجه الصحيح.
- مثال " يقومُ الرُّوح " همزة الوصل تسقط حال الوصل و اللام شمسية مدغمة في الراء أنطق الميم مضمومة تليها راء مشددة و الراء المشددة هي راء ساكنة و ثانية مضمومة.
الخطأ الشائع أن تنطق الراء من أولها مضمومة. و الصواب أن نعود إلى وضع السكون بعد ضم الميم و ننطق الراء بداية ساكنة ثم تضم. لأن هذا هو حق الحرف.
مثال: " الطور" في هذه الكلمة بعد الام الشمسية حرف الطاء مشدد مضموم.
الخطأ الشائع أن تنطق الطاء من البداية مضمومة في حين أن هذه الطاء مشددة فلابد من إبراز الطاء الساكنة ثم الطاء المضمومة.
وهكذا فى كل نظير لمثل هذه الامثلة نحو(ردُّوها-كلُّ-.......)لابد من الرجوع الى وضع السكون مع الحرف الساكن بين مضمومين
ثانياً :الخطأ في الأزمنة
التمطيط
زيادة زمن الحركة
أمط زمن الفتح فتتولد ألف, أمط زمن الكسر فتتولد ياء, أمط زمن الضم فتتولد واو.
التقصير
تقليل زمن الحركة
و هو ما يعرف بالاختلاس و يظهر هذا الخطأ خصوصا عند تتالي الحركات المتشابهة أو غيرها
ويحدث عند توالي الفتحات مثل وَ وَ جَ دَ كَ
أو عند وجود حركة مختلفة بين حركتين متشابهتين مثل وَ هُـ وَ فتختلس هنا حركة الهاء
-وايضا يحدث الاختلاس مع الانتقال بين الحركات المختلفة مثل (يَعِظُكُم) تختلس هنا حركة الظاء
وللتخلص منه فقط ما علينا الا تحقيق المخارج والانتقال الى الحركات والتسويه بين ازمنة الحركات .
التناسق بين البنيان الحركي و البنيان اللفظي
" فقست "
الأصل في الكلمة ف قست من قسى – يقسو لا بد من النطق الصحيح للكلمة و تحقيق التناسق بين البنيان الحركي و اللفظي كي نعبر عن المعنى الصحيح للفظ القرآني لانه ممكن نطقها بطريقة اداء مختلفة فتنطق (فقست) من فقسي - يفقس.
" فقعوا "
من وقع يقع وليس فقع يفقع
"فعصى "
من عصى يعصي وليس من فعص يفعص
" فسقى "
من فعل سقى يسقي وليس من فسق يفسق
و الحركات في القرآن العظيم لها تعبير و معنى مثال ذلك في سورة الأعراف: " و الذين يُمَسِّكُونَ " تشديد حرف السين لإبراز الزيادة والمبالغة في المعنى.
لأن زيادة المبنى تؤدي زيادة المعنى. ولذلك لابد أن أعطى زمن للحرف المشدد الذي يستحقه حتى أحافظ على البنيان الحركي واللفظي للكلمة ولا أخل بميزان التلاوة ولا أسقط حرف أثناء التلاوة .
وهذه أبيات للإمام الطيبي توضح كيفية إتمام الحركات
وَكُـلُّ مَضْمُـومٍ فَلَـنْ يَتِـمَّا | إِلَّا بِـضَـمِّ الشَّفَتَـيْنِ ضَـمَّـا |
وَذُو انْخِفَاضٍ بِانْخِفَاضٍ لِلْفَـمِ | يَتِـمُّ وَالْمَفْتُوحُ بِالْفَتْـحِ افْهَـمِ |
إِذِ الْحُرُوفُ إِنْ تَكُنْ مُحَرَّكَـهْ | يَشْرَكُهَا مَخْرَجُ أَصْلِ الْحَـرَكَهْ |
أَيْ مَخْرَجُ الْوَاوِ وَمَخْرَجُ الْأَلِفْ | وَالْيَاءُ فِي مَخْرَجِهَا الَّذِي عُـرِفْ |
فَـإِنْ تَـرَ الْقَارِئَ لَـنْ تَنْطَبِقَا | شِفَاهُـهُ بِالضَّمِّ كُـنْ مُحَقِّـقَا |
بِأَنَّـهُ مُنْتَـقِـصٌ مَـا ضَـمَّ | وَالْـوَاجِبُ النُّـطْقُ بِـهِ مُتَمَّـا |
كَذَاكَ ذُو فَتْحٍ وَذُو كَسْرٍ يَجِبْ | إِتْـمَامُ كُـلٍّ مِنْهُمَا افْهَمْهُ تُصِبْ
|
مثال : كلمة وُضِعَ : نحقق مخرج الواو ثم نتباعد لمخرج الواوالمدية ونمتد بالصوت نصف زمن صوت الواو – أي نضم الشفتين - ثم ننتقل لمخرج الضاد نحقق المخرج ثم نتباعد لمخرج الياء المدية ونمتد بالصوت نصف زمن صوت الياء – أي نخفض الفك السفلي – ثم ننتقل لمخرج العين فنحققه ثم نتباعد لمخرج الألف المدية ونمتد بالصوت نصف زمن صوت الألف – أي نفتح ما بين الشفتين
وقال السخاوي في مطلع قصيدته المسماة "عمدة المفيد وعدة المجيد في معرفة التجويد":
يا من يَرومُ تلاوةَ القـرآن *** ويَرُودُ شـأو أئمةَ الإتقان
لا تحسب التجويد مدا مفرطاً *** أم مــدَّ ما لا مدَّ فيه لِوان
أو أن تشدد بعد مدّ همـزة *** أو أن تلوك الحرف كالسَّكران
أو أن تفوه بهمزة متهوعا *** فيفـر سامعهـا من الغثيـان
للحرف ميزان فلا تك طاغياً *** فيه ولا تك مخسر الميزان